ثقافة

محمد نصار يكتب: في وداع الغريب

في وداع الغريب

بقلم: محمد نصار/ كاتب فلسطيني

هل كنت على موعد مع السفر؟، أم كان الأمر محض صدفة، أو جاء على عجل، فلم تلق بالا لترهات الوداع التي اعتدنا، أوحتى ابتسامة أو إشارة من يدك.

كان الأمر محزنا .. مفجعا وبقايا الحكايا لم تَكمل فصولها بعد، البعض عاتبني و بعضهم كال التهم، زعموا أنك همست لي بأشياء لم أطلع عليها أحدا، دللوا على زعمهم هذا، بما كان في لقائنا الأخير، أي قبل يومين من الرحيل، فأقسمت بما رأيت منك وما رويت عنك، بأن كنت في أبهى صورة وأفضل حال، هكذا قال أيضا صديقاي اللذان رافقاني اللقاء وعزونا الأمر بجهلنا إلى سحر الدواء، فيما أنت تضع اللمسات الأخيرة على صورتك، لتبقى منحوتة في الذاكرة بأبهى حال.

بالأمس جاءني ” المنسي ” مكلوما.. مهموما، يحمل فصولا من سيرته المرة ويسأل عمن يخرجه من دائرة النسيان التي حار فيها من بعدك، قلم أجبه بشيء سوى ابتسامة باهتة، ربما تكون عزاؤه الوحيد، كذلك كان حال مزيونة وأولادها، جاءت تصك خديها حزنا ولوعة، تجر في أذيالها الأبناء والأحفاد وقد بدا الضياع واضحا على وجوههم، أما منصور اللدواي فقد رحل على جناح نورس من نوارسك المتجهة شمالا، تاركا خلفه ” دحموس الأغبر” يعيث في الأرض فسادا وفي النفس غصة و”جفافا في الحلق”.

أما نحن يا عزيزي، فما زلنا كما تركتنا، نداري خيباتنا بما نفرغه من مداد لا يسمن ولا يغني من جوع، في واقع كل ما فيه يزخر بالوجع ويضج بآلاف المآسي التي تشكل زادا لحبرنا الأسود وفضائنا الأسود وحكايا نجترها في كل حين، ربما تكون عونا لنا في قادم الأيام، التي لا نعلم إن كانت قد تطول بنا أو تقصر.

هذا ما كان من بعدك يا صديقي وهذا شيء مما هو حاصل عندنا، أما ما هو عندك فكلنا نرجو أن يكون أفضل وأجمل ، سلام لك وسلام عليك، كنت صديقا عزيزا وستبقى، مادام فينا حس ينبض وقلب يخفق.

زر الذهاب إلى الأعلى