مجتمع

مهمة شاقة وملفات معقدة أمام مصر: د. هاني العقاد

مهمة شاقة وملفات معقدة أمام مصر

بقلم/ المحلل السياسي د. هاني العقاد

*المعركة لم تنته ومصر تدرك أن أمامها مهمة شاقة لإنهاء هذه المعركة بتثبيت التهدئة وتوقيع اتفاق بضمانات مصرية أمريكية ومراقبة دولية.

*الوزير عباس كامل جاء ليضع أسس للحوار والتفاوض في ثلاث ملفات مهمة تثبيت التهدئة والتوصل لاتفاق دائم لوقف إطلاق النار يسمح بإعادة إعمار قطاع غزة.

*قد تتغير حكومة نتنياهو وتحتاج مصر إلى الانتظار لتدرس الحكومة الجديدة الملفات.

*الحرب على غزة فتحت بوابات كبيرة أمام الوسطاء لإنهاء جزري لأزمة غزة.

دخلت مفاوضات تثبيت وقف إطلاق النار بين المقاومة وإسرائيل المرحلة الصعبة والدقيقة من المفاوضات والتي يتوقع أن تكون معركة ضارية قد تطول إذا ما استمرت إسرائيل بطرح أوراق من شأنها أن تنسف أي مساعٍ يمكن أن تؤدي إلى التوصل لاتفاق قريب، مصر تعمل بثقل نوعي لم يسبق في أي مواجهة سابقة بين المقاومة وإسرائيل والتي كان لمصر دور فيها لإعادة الطرفين لتفاهمات التهدئة بعد حرب 2014، والتي انتهكت أكثر من 19 مرة من قبل إسرائيل بتصعيد ومواجهة كانت تستمر لأيام ثم يلتزم الطرفان بتهدئة مقابل تهدئة. مع تكثيف الاتصالات المصرية بالأطراف وتعقد الملفات وحديث كل طرف عن أن المعركة لم تنتهي بعد يصبح الدور المصري كمن يعمل تحت ضغط احتمال انفجار المشهد من جديد في أية لحظة وخاصة أن ممارسات وسلوك الاحتلال الإسرائيلي في القدس لم يتغير، ومازال حصار البيوت في الشيخ جراح على حاله، واقتحامات المسجد الاقصي من قبل المستوطنين الإسرائيليين لم يتوقف ولم تردعهم الحرب لأن حكومة إسرائيل هي من توفر لهم أشكال الحراسة كافة، بل إنه تعمد في بعض الأحيان لتفريغ المسجد الأقصى من بعض المصلين لتهيئ لمتطرفيها الوصول إلى باحاته عبر باب المغاربة وهي البوابة التي تحاول اسرائيل تخصيصها فقط لدخول مستوطنينها علانية.

توقفت الحرب لكن المعركة لم تنتهي ومصر تدرك أن أمامها مهمة شاقة لإنهاء هذه المعركة بتثبيت التهدئة وتوقيع اتفاق بضمانات مصرية أمريكية ومراقبة دولية، ولتسهيل التوصل إلى هذه التفاهمات والاتفاقات رفعت مصر مستوي الاتصالات مع الفلسطينيين إلى مستوي الرؤساء فقد ارسل الرئيس (عبد الفتاح السيسي) وزير المخابرات المصرية السيد( عباس كامل ) برسالة مهمة إلى رام الله فحواها ضرورة أن يسعي الرئيس( ابو مازن) لانهاء الانقسام واستعادة الحوار الفلسطيني تهيئة لإعلان حكومة وحدة وطنية تشارك فيها حماس وهذا كان محور بحث مركز مع الوزير (عباس كامل) و(الرئيس ابو مازن)، على الجانب الآخر استمع الوزير إلى وجهة النظر الإسرائيلية في موضوع التهدئة وإعادة الإعمار والتي اشترطت فيها إسرائيل أن يتم مقابلها إفراج حماس عن الجنود الاسري الذين تحتجزهم حركة حماس في غزة علي إثر حرب 2014، لكن حماس ترفض بأي شكل من الأشكال الزج بهذا الملف واستخدامه كورقة ابتزاز لأجل الحصول على جنودها بلا ثمن فقط مقابل السماح بإعمار غزة لأنه ملف منفصل يجب حله عبر صفقة تبادل للأسرى تشمل الأسري القدامى وأصحاب المحكوميات العالية وهذا أقل ثمن لما بين يدي حماس من أسرى وجثث.

الوزير عباس كامل جاء ليضع أسس للحوار والتفاوض في ثلاث ملفات مهمة تثبيت التهدئة والتوصل لاتفاق دائم لوقف إطلاق النار يسمح بإعادة إعمار قطاع غزة، والملف الثاني ملف الجنود والجثث لدي حركة حماس، والملف الثالث إعادة إعمار ما دمرته الحرب الأخيرة، ولعل إسرائيل تريد ربط ملف الجنود الإسرائيليين بإعادة إعمار غزة وسماحها بذلك لأن إعادة جنودها هي الورقة الوحيدة التي سيقول من خلالها( نتنياهو) أنه حقق شيئًا من وراء هذه الحرب بالإضافة لهدنة تمتد لسنوات، ما هو متوقع أن تجد مصر الكثير من المعيقات في فصل هذان الملفين، وتعود إلى ملف صفقة التبادل الذي هو أصلاً بيد مصر ونتوقع أن ترفض إسرائيل أن يجري بينها وبين المقاومة أي صفقات تبادل الآن، لأن خروج أي أسير من الأسرى القدامى تعتبره إسرائيل هزيمة كبيرة لها ويعتبر تراجع عن ثوابت حكومة نتنياهو التي سينتهي أجلها خلال أيام وقد يأتي (نفتالي بينت) الذي سيكون أكثر تصلبًا ورفضًا لإطلاق سراح أي من المعتقلين السياسين الفلسطينين من السجون الإسرائيلية وقد يرفض رفضًا باتًا أي صفقة تبادل منفردة.

مهمة مصر شاقة جدًا وملفاتها معقدة سواء في موضوع تثبيت وقف إطلاق النار وملف الأسرى الإسرائيليين وإعادة إعمار غزة أو ملف الصراع كرزمة واحدة، لأن المشهد السياسي في إسرائيل غير مستقر وقد تتغير حكومة نتنياهو وتحتاج مصر إلى الانتظار لتدرس الحكومة الجديدة الملفات بعدما تتسلم حكومة (نفتالي بينت) الملفات من حكومة نتنياهو إلى حين ذلك ستعيد مصر الفلسطينيين لطاولة الحوار لتشكيل حكومة وحدة وطنية، ولعل ملف إنهاء الانقسام واستعادة الفلسطينيين للوحدة الوطنية هو الملف الأكبر الذي تحاول مصر إنهائه بعد تثبيت الهدنة حتي يتم الحديث والانتقال إلى الملف الأكثر تعقيدًا وهو ملف الصراع وإنهاء الاحتلال وبحث سبل حل الدولتين، لعل هذا الملف الكبير لا تستطيع مصر العمل فيه وحدها بل لا بد وأن تتشارك مع الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول الاتحاد الأوروبي كألمانيا وفرنسا وبريطانيا والأردن، لأن مصر كانت قد أسست قبل أكثر من 10 شهور لهذا العمل وتم وضع خطة أردنية ومصرية ألمانية فرنسية كعنوان لمساعي (مجموع ميونخ ) للسلام والأمن.

الحرب على غزة فتحت بوابات كبيرة أمام الوسطاء لإنهاء جزري لأزمة غزة كجزء من الصراع والتوصل لاتفاق دائم لوقف إطلاق النار، وبالتالي حل كل مشكلة أو عقدة في طريق تهيئة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للجلوس إلى طاولة المفاوضات، الواضح أنه مازال هناك الكثير من العمل أمام مصر لتحديد الاطار الذي سيقود لعملية سياسية حقيقية، وبالتالي فتح مسار تفاوضي مبني علي أسس ومرجعيات دولية وإقليمية، وتحتاج إلى شركاء حقيقيين لرعاية أي عملية تفاوض حتي يتم تشكيل لوبي دولي ضاغط على إسرائيل لتستجيب لإرادة السلام وتقبل بالتفاوض على أساس تطبيق حل الدولتين واعتبار كل الأراضي المحتلة عام 1967 بما فيها القدس والقضايا النهائية للصراح الحقل التفاوضي الحقيقي الذي يخضع لجدول زمني تقرره الأسرة الدولية والولايات المتحدة الأمريكية.


Dr.hani_analysisi@yahoo.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى