مجتمع

الانتهاكات بحق الصيادين الفلسطينيين في غزة

الانتهاكات بحق الصيادين الفلسطينيين في غزة

 بقلم:  محمد خالد قنن

يعد قطاع غزة منطقة ساحلية مطلة على البحر الأبيض المتوسط ونظرا لهذه الإطلالة الساحلية فان قطاع الصيد يمثل أحد القطاعات الاقتصادية التي يعتمد عليها شريحة من المجتمع ألغزي لتأمين سبل العيش لهم من صيادين وتجار أسماك وميكانيكيين وبنائي مراكب ومن تجار لأدوات الصيد إضافة إلى توفير الأمن الغذائي للمجتمع الغزي عبر توفيرا لأسماك للسوق الغزي.

بلغت هذه المهنة ذروتها الإنتاجية الذهبية بعد حرب عام1967م فقد أصبحت القوارب البحرية تبحر لأكثر من 180 كم مربع أي من مدينة غزة وصولا إلى العريش جنوبا وحسب الإحصائيات من وزارة الزراعة فقد بلغت كميات الأسماك في تلك الفترة ما يزيد عن 60طنا يوميا، وبما أنني شاب من قطاع غزة، وأسكن على الساحل الفلسطيني، فقد كان أجدادي وأعمامي، وأخوالي يمتهنون مهنة الصيد، فقد كانوا يسردوا لنا حكايات الصيد، حيث كانوا يبحرون من غزة وصولا إلى العريش ليقوموا بالصيد فيبيتون هنالك لأسبوع أو أكثر من ذلك ويعودوا محملين بالأسماك والأموال.

وبعد اتفاقية أوسلو والتي وقعت بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل بلعت مساحة الصيد المعمول بها حتى20 ميلا بحريا، وبعد ذلك وبعد الانتخابات الفلسطينية عام2006 م، قلصت قوات الاحتلال مساحة الصيد إلى 15ميلا بحريا، وبالتالي فان تقليص مساحات الصيد أدى إلى تقلص كميات الأسماك المصطادة، وبالتالي أثرت بالسلب على الاقتصاد الغزي، لم يلبث ذلك كثيرا إذ بعد تعرض قطاع غزة إلى عدوان عام 2008م، وبعد فرض إسرائيل الحصار على قطاع غزة قلصت قوات الاحتلال مساحة الصيد إلى 3أميال بحرية الأمر الذي أثر بالسلب على الإنتاج السمكي، استمر هذا الإغلاق إلي ما بعد عدوان 2012م، عندما وقعت الفصائل الفلسطينية وإسرائيل اتفاقية تهدئة، من ضمن بنودها نص يوصي بتوسيع مساحة الصيد إلى ستة أميال بحرية، لم يلبث ذلك كثيرا إذ أعادت القوات الإسرائيلية تقليص مساحة الصيد إلى ثلاثة أميال، وفي عام2017 م، أعادت إسرائيل المساحة إلى ستة أميال، وبالتالي فإن الاحتلال الإسرائيلي زال وما يزال السبب الأول والرئيسي لهذه المشكلة من وضع العراقيل والممارسات التي يمارسها بحق الصيادين.

وفي عام 2021م قررت سلطات الاحتلال توسيع مساحة الصيد من 9ميل الى15 ميل بحري حسب المناطق، فقد كان ت في المناطق الشمالية المتاخمة للحدود مع إسرائيل 9أميال حتى منطقة وادي غزة، ومن المنطقة الوسطي حتى ما قبل مدينة رفح 15ميلا، ومن رفح حتى المنطقة الحدودية مع مصر كانت9 أميال بحرية، هكذا قسمت الأميال البحرية.

أما أبرز المشاكل التي يعاني منها الصيادين في قطاع غزة فتمثلت:

أجمع الصيادين في قطاع غزة على أن الاحتلال الإسرائيلي هو السبب الرئيسي لهذه المشكلة، وما يتعرض له الصياد من ممارسات وحشية اتجاههم من قتل وتخريب لقواربهم واعتقالهم ومصادرة مراكبهم وإطلاق النار عليهم ورشهم بالماء في البرد القارص، فها هو الصياد أحمد محمد بصلة وهو شاب فلسطيني أجبرته ضغوطات الحياة للعمل بمهنة الصيد، وذلك لتأمين لقمة العيش له ولأطفاله الأربعة، تحدث لي قائلا ” أنه تعرض لهجوم شرس من قبل الطراد الإسرائيلي وهو في القارب الذي كان يبحر به، مما أجبره على قطع المرساة التي كان يلقيه ا في البحر لتثبيت المركب، والهروب منه خوفا من مصادرة المركب واعتقاله هو ومن كان معه”.

تعرض قوارب الصيادين للملاحقة من زوارق الاحتلال وبالتالي فان قطاع الصيد في قطاع غزة يعاني من مشاكل أهمها الاحتلال الإسرائيلي، والذي يتحكم بمساحات الصيد، من زيادة ونقصان في تلك المساحات، كذلك الممارسات الإجرامية التي يمارسها بحق الصيادين من اعتقال ومطاردة ومصادرة للمراكب، تحدث لي أحد الصيادين الذين تم اعتقاله ومصادرة مركبه من الاحتلال الإسرائيلي في عرض البحر قائلا :”جاء الطراد الإسرائيلي إلى المركب ونحن نجمع الشباك من البحر، حيث أمرهم بنزع ملابسهم والتجرد منها والنزول إلي الطراد سباحة في البرد القارص هو ومن معه، ومن ثم تم نقله هو من معه إلى ميناء أسدود وقاموا بمصادرة المركب، وبعد فترة أعادوا المركب عن طريق معبر كرم أبو سالم لكنهم صادروا المحرك”.

كذلك من ممارسات قوات الاحتلال اتجاه الصيادين منع إدخال قطع غيار مراكب الصيادين ،إضافة إلى المواد التي تستعمل في صناعة المراكب مثل مادة (الفيبر جلاس) والتي صنفتها الاحتلال ضمن المواد ثنائية الاستخدام.

كذلك من المشاكل ارتفاع أسعار البنزين لتشغيل المراكب الخاصة بالصيادين، وبالتالي ارتفاع أسعار البنزين يؤدي إلى ارتفاع التكلفة التشغيلية للصيد، وبالتالي فان كان الصيد ضئيل ذهبت قيمة الصيد للمحروقات نظرا لارتفاع تكلفتها.

وبالتالي ففي بيت كل صياد قصة وحكاية، فها أنا كاتب التقرير، أجبرتني الظروف الراهنة في قطاع غزة للعمل في مهنة الصيد، مهنة الآباء والأجداد، وكنت شاهدا على ما يتعرض له الصياد الفلسطيني من بطش وممارسات إجرامية من الاحتلال الإسرائيلي، وذلك من أجل تأمين لقمة العيش الكريمة لهم ولأسرهم، فقد كنت أسمع ما تعرض له هذا الصياد من مطاردة وترك شباكه، وما حصل مع ذلك الصياد من مصادرة مركبه واعتقاله، ومع هذا الذي كان يرش عليه الماء في البرد القارص، ومع هذا الذي يدفع التكاليف الباهظة لإصلاح مركبه ومحركه، والكثير الكثير من القصص والحكايات.

وبالتالي يمكن القول: إن الاحتلال الإسرائيلي وممارساته الوحشية من قتل وتخريب وتدمير ومطاردة ومصادرة للمراكب ،قد أنهك قطاع الصيد والصياد في قطاع غزة.

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى