ثقافة

المفكر والناقد عمر عتيق يكتب: إقصاء المرأة عن مواقع التواصل الاجتماعي

إقصاء المرأة عن مواقع التواصل الاجتماعي

بقلم: أ.د. عمر عتيق/ ناقد ومفكر

لا يكتفي الخطاب السلفي بتحريم التواصل بين الرجل والمرأة في المناسبات الاجتماعية أو في ميادين العمل والعلم، ويمتد تحريمه إلى تواصل المرأة مع الرجل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويزعم أن هذا التواصل وسيلة للفتنة والوقوع في الفاحشة. وتجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن سؤال (ما حكم الشرع في الصداقة مع الجنس الآخر، بمعنى: أن تتخذ الفتاة صديقًا أو العكس؟ مع العلم أن هده الصداقة شريفة عفيفة، يعلم بها الجميع، وليست في الخفاء؟ )، بقولها: إنه أعظم المحرمات، وأشد المنكرات، فلا يجوز للمرأة أن تصادق الرجال الذين ليسوا من محارمها أو العكس؛ لأن ذلك وسيلة إلى الفتنة والوقوع في الفاحشة. وتعبر هذه الفتوى المعاصرة عن رؤية مشوهة وثقافة بائسة ترى في مواقع التواصل الاجتماعي فضاء للفجور والفسوق والإباحية، وتجرده من أهدافه الثقافية، ورسالته الإنسانية، ومخرجاته الإيجابية في التواصل الاجتماعي. ولا تحفل لجنة الإفتاء بالضوابط الأخلاقية والاجتماعية التي ينص عليهما السؤال (صداقة شريفة عفيفة معلنة)، وتقرر بلا تردد أو احتراس بالتحريم والإنكار، وكأن التواصل ذاته جريمة تتعارض مع جوهر العقيدة، وفي هذا مغالاة وخروج عن مقتضيات الفطرة الإنسانية، ورفض للفضاء الافتراضي الرقمي الذي يقتضي تواصلا إنسانيا بين الناس جميعا.

ويربط الخطاب السلفي بين المراسلة (الرجل والمرأة) في مواقع التواصل الاجتماعي وفتنة الدجال في الإجابة عن سؤال (ما حكم المراسلة بين الشبان والشابات علما بأن هذه المراسلة خالية من الفسق والعشق والغرام؟) لا أدري كيف ربطوا فتنة المراسلة بفتنة الدجال في الفتوى (لا يجوز لأي إنسان أن يراسل امرأة أجنبية عنه ؛ لما في ذلك من فتنة، وقد يظن المراسل أنه ليست هناك فتنة، ولكن لا يزال به الشيطان حتى يغريه بها، ويغريها به. وقد أمر صلى الله عليه وسلم من سمع بالدجال أن يبتعد عنه، وأخبر أن الرجل قد يأتيه وهو مؤمن ولكن لا يزال به الدجال حتى يفتنه. ففي مراسلة الشبان للشابات فتنة عظيمة وخطر كبير يجب الابتعاد عنها وإن كان السائل يقول: إنه ليس فيها عشق ولا غرام).

واللافت أن الخطاب السلفي يستدعي الشيطان في أي سياق تحضر فيه المرأة ولو كان سياق التواصل افتراضيا، ويُلغي دور الوازع الأخلاقي ،والمستوى الحضاري والثقافي للمرأة والرجل في تواصلهما الافتراضي. ويُقحم ما يقال عن الدجال إذا تواصلت المرأة مع الرجل افتراضيا ، فما علاقة “الدجال” بتواصل المرأة والرجل في مواقع التواصل الاجتماعي؟ هل للشيطان حضور في مواقع التواصل الاجتماعي؟

زر الذهاب إلى الأعلى