تقارير

صناعة الخيزران في غزة.. حرفة تخشى الاندثار

صناعة الخيزران في غزة.. حرفة تخشى الاندثار

غزة- نعيمة صبرة

يبقي خشب الخيرزان، ذو لمسة ساحرة في أثاث البيت، ونادراً ما نجد من يجيد هذه المهنة في يومنا هذا في ظل التطور التكنولوجي الكبير الذي أثر على جميع مناحي الحياة، منها الأثاث وشكله في المنازل.

 

وتعتبر حرفة صناعة الخيزران من التراث الفلسطيني واشتهر بها أبناء قطاع غزة عبر عقود، إذ كانت من وقت قريب تنتشر محال الحرفين القائمين عليها، إلا أنها باتت تتهاوى وسط تحذير بانقراضها.

 

كانت مهنة قائمة ومزدهرة، كنا نسابق الوقت لإنجاز طلبات الزبائن المحليين، وطلبات السوق الخارجية، كنا أكثر من 150 مصنعاً، أما الآن فقد انخفض العدد إلى نحو خمسة مصانع فقط”. بهذه الكلمات يصف أكبر مالك لمصانع الخيزران سناً في غزة، واقع المهنة في القطاع.

 

الحاج زكريا المظلوم  “أبو رائد” من مواليد مدينة غزة عام 1944، يعمل في هذه المهنة، منذ خمسين عاماً تقريباً، حيث اكتسبها من شقيقه الأكبر عندما كان عمره ثمانية عشر عاماً.

 

يقول أبو رائد: “تعلمت مهنة الخيزران في غضون سنتين، وأصبحت ملماً بها وماهراً في التصنيع إلى أن قررت الاستقلال عن أخي، والاعتماد على نفسي، فأسست مصنعاً خاصاً، واخترت أحد المحلات القريبة من ساحة فلسطين وسط غزة ليكون مركز عملي”.

ويضيف: “أن اختياري مهنة صناعة الخيزران نابع من عشقي منتجاته، والأعمال الفنية والتراثية التي رأيتها مجتمعة في هذه المهنة، لذلك كنت على يقين بأنني سأنجح، وأصبحت واحداً من أبرز أصحاب مصانع الخيزران في قطاع غزة”.

 

يؤكد أبو رائد أن العمل في الفترات الماضية كان أفضل حالاً من الآن، ويقول: “كنا نعمل في الليل والنهار لتأمين طلبات الزبائن، فكان فريق عملي مؤلفاً من 30 عاملاً، نعمل كخلية نحل لتجهيز الطلبات إلى بعض الدول العربية والأوروبية، لكن للأسف، تغير واقع المهنة اليوم، وتراجعت وتيرة العمل، وانخفض عدد عمالي من 30 عاملاً إلى عامل واحد يساعدني في الأعمال، وهو ولدي بسبب ضيق الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها قطاع غزة”.

 

يصنع أبو رائد منتجات خيزرانية متعددة، منها صناعة أثاث المنازل، صناعة كراسي هزازة، سرائر للأطفال، رفوف للكتب، ويعتمد في عمله على أنواع متعددة من الخيزران.

 

يعتبر أبو رائد أن صناعة الخيزران جزء من التراث الفلسطيني، مثل مهنة الفخار وصناعة السجاد والكراسي القديمة، ويقول: “أنا مستمر في عملي، وباقٍ في مهنتي على الرغم من توقفها، وذلك للحفاظ عليها من الاندثار”.

 

ويتابع أبو رائد: “تعلم باقي أبنائي مهنة الخيزران بالإضافة إلى تحصيلهم الجامعي، حيث دخلوا الجامعات والكليات، وتخرجوا منها، فمنهم من يحمل الماجستير والدكتوراه، والفضل في هذا يعود إلى الدخل الجيد من هذه المهنة التي أعشقها”.

زر الذهاب إلى الأعلى