مقالات

تشريع قانون جمهورية الأفكار الملكية المطلقة في بناء مؤسساتنا مجرد رؤية لنتجاوز الصراعات ونتخلص من الحديث عن الانتخابات

تشريع قانون جمهورية الأفكار الملكية المطلقة في بناء مؤسساتنا مجرد رؤية لنتجاوز الصراعات ونتخلص من الحديث عن الانتخابات

بقلم: مصطفى النبيه/ كاتب ومخرج 

وبهذا نتخلص من العواطف الزائدة والنعرات الكاذبة، وبكل بساطة نعالج جذور المشكلة، وجذور مشكلتنا على مر التاريخ كلمة ” نحن” التي يبحث عنها كل مخلص يحلم بواقع أفضل وللآسف قد شطبت وغيبت هذه الكلمة من قاموسنا النضالي، لذا أقترح أن يشمل النظام الملكي كافة مناحي حياتنا. ” وكفى الله المؤمنين القتال”.

يمضي قطار الحياة ولن يتوقف حتى المنتهى وستطوي الحكايات وتشرق شمس وتغيب أقمارا، وفي كل محطة ستحلق فكرة وتطوف الكون وستنضج بعض الثمار وسيطوي القطار الطرقات ويواصل انطلاقته وسيقف في المحطة التالية، وسيتساقط الكثيرون ويختفي بريقهم وستذبل بعض الأشجار وتتساقط الأوراق الراعفة. وستستمر الحياة سواء وافقنا أم أبينا. لذا في كلا الحالتين ما علينا إلا أن نشكر كل من يعمل، فشكرا لمن يفكر، شكرا لمن يبادر، شكرا للطبقة المسحوقة التي تناضل من أجل واقع أفضل. فلكل مجتهد نصيب حتى وإن لم يحقق ما يصبو إليه، علينا أن ننحني احتراما لمحاولته واصراره على التغيير للأفضل. فمن يلقي حجر في الماء الراكد، حتى إن لم يكتب له النصر، سينال شرف المحاولة، وسيبقى أفضل مليون مرة من الشخصي السلبي المحايد الذي يبحث عن سلم ليصعد فوق رقاب الناس.

وحتى نخرج من المناكفات والاتهامات التي تصدع الرأس، علينا أن نقيم مؤسساتنا بموضوعية وبعيدا عن النفاق والرياء.

يحكي أن من مؤسستنا عندما يركبها مسؤول، يبني فكرته على أن يمتص رحيقها، ويخلع أعمدتها ويعريها، كي يثبت نفسه ولا ينتزعه أي مخلوق من فوق الكرسي ، فمؤسساتنا بيت للمسؤول وحاشيته التي تبارك خطواته وتزوده بالتقارير الكيدية ،عن المواطن المقهور المنهك ، الممنوع أن يدنو من هذا الصرح حتى يبقى في مأمن ويحافظ على لقمة عيشه من الضياع، فويل لمن يعترض.

بعد هذا السيناريو الذي لا يختلف عليه اثنين، فكرت كيف نخرج من هذا الكابوس مسرحية الانتخابات ونهيئ أنفسنا لاستقبال الواقع المرضي المعد لنا سلفاً.

الحديث عن نهضة صادقة، تبث روح العطاء في مؤسساتنا والعاملين بها وعلى أسس سليمة بعيدا عن الحزبية والفئوية والشلالية ويكون الهدف إعادة مفهوم نحن وخدمة الإنسان والوطن، هذه الأحلام الوردية التي دفعنا ثمنها الكثير وآخرها التهميش، تحتاج لمعطيات مختلفة صادمة.

زملائي الاعزاء

بعيدا عن الكلمات الجميلة والشعارات الرنانة والخطب العصماء التي تجيش العواطف وتجعلنا نتغنى بمستقبل أفضل. أتمنى عليكم أن تقرأوا الواقع جيدا، حتى لا نتفاجئ  من القادم البشع.

بدون مقدمات وبعيدا عن المناكفات والصراع على الكرسي العفن. تعالوا نفكر بصوت عالي لو مرة واحدة ونتعامل مع أنفسنا بصدق..

لماذا نهدر أموالنا وأوقاتنا ونرهق أنفسنا ونتصارع مع زملاء المهنة، من أجل الانتخابات والنتيجة واحدة، دمى تحرك دمى!! والخلاصة تنصيب الأزلام وصورة قبيحة لنا في المرآة.

زملائي رحلتنا في الحياة قصيرة والإنسان مجرد ذاكرة تسير على الأرض، فماذا قدمنا على الصعيد الإعلامي والثقافي لروايتنا الفلسطينية وهل تركنا أي بصمة تذكر؟ لا تغضبوا.. أنا لا أشك بعبقرية أصغر فرد منكم وأدرك ما يحدث جيدا ولا أريد أن يصدع رأسي أي مخلوق ويدعي أنه فيلسوف العصر. ويقول انظر إلى إنتاجي وأعمالي المميزة، هذا كله من أجل فلسطين إلخ، إلخ ويحشو رأسنا بكلمات لا تسمن ولا تغني من جوع.

زملاء التجربة، سأصارحكم بحقيقة مرة، بعد بحث في الشارع وفي المدراس وفي المؤسسات العامة والخاصة. لم أجد من يسمع عنا أو يرانا في المجتمع، حتى أبنائنا أعتقد أنهم لا يقرأون لنا أو يشاهدوا أعمالنا.

النجاح يا سادة يا كرام، له مقومات، لا يقاس بالكم ولا بالحزبية والبطولات الزائفة، بل بالكيف ومدى تأثير صوتك على المجتمع وحثه على التغيير الإيجابي.

أخواني: بعد أن فر العمر مسرعا وأنا أغرق بين مفردات الكتب أو خلف عدسة الكاميرا ومع الخبرة التراكمية والعمر الزمني الذي احترق من الصدمات والطعنات من الخلف، أصبحت أدرك النتائج قبل وقوعها. فلدي حاسة معرفية جيدة، بكل ما يدور حولنا.

سؤال واقعي وغير برئ، أولا: ما هو الشيء الجديد الذي نستطيع صناعته بهذه المرحلة الضحلة لأنفسنا وثانيا للمجتمع؟ وهل كانت مشكلتنا السابقة محصورة بأفراد ويوم أن نبعدهم عن طريقنا سيضحك الكون لنا وسننعم بالفرح؟!! وهل البطولات الفردية والتناحر من أجل بناء مؤسساتنا، مهما كانت النتائج سيعود علينا بالخير، أم أن المسرحيات الهزلية المسماة بالانتخابات، خلقت من أجل تنصيب بعض الأفراد. جميعنا نعاني من الخربشات، فإياكم أن تتهمونني بالتهويل والتشاؤم، المشكلة واضحة للأعمى، قصتنا تكمن بالمنظومة العامة وبالأفكار المتوارثة؟ فإلى متى سنبقى نعيش مسرحية ” ضيعة تشرين ” فماذا يعني لو تم تغيير أحمد وتبديله بمحمود، ما دمنا نحافظ على نفس النظام والنهج المتبع ولن نحيد عن الشكل العام. هل هذا مفهومنا للديمقراطية ويعد حدثا عظيما ويحتاج التهليل والتصفيق!! وهل سيعود بالخير على المواطن وسيخلصه من المتسلقين وأدعياء الوطن والثقافة والفن؟!!

على مدار الأزمنة ونحن نلعب بالكواليس ونجري انتخابات ونغير إدارات والنتيجة صفر.

سؤال عبثي هل تم يوما انتخاب أي مبدع لكونه مبدع؟! أو لأنه مؤثر في المجتمع؟ أو مثلا لا سمح الله، لأنه يجيد فن الإدارة والتطوير وسيزرع قبل أن يحصد، ولن يتسلق على ظهور زملائه ويجعل من أجسادهم مصعدا لمصالحه.

تعالوا نتصارح، علينا أن نحكي ونحكي بدون خوف، كفى نفاق. هل يستطيع أي طاقم مهني، مهما كان مبدئي ومميز ويشع طاقات من الإبداع حتى لو تم انتخابه بشفافية، أن يحرك قشة ويتجاوز النهج العام، مثلا إن كان لا سمح الله غير مرضي عنه من قبل رجال السياسة الذين يحبون الشخصيات الراقصة التي تظهر مفاتنها؟

يا مبدعي العصر.. هل هناك من يستطيع أن ينفض الغبار عن الموروث الانهزامي، الذي تكيفنا معه على مر الأزمان! مشكلتنا أننا نعيش الازدواجية، ندعي الحرية وفي خفايا أنفسنا يكمن الخراب، تنهض العبودية في أرواحنا، لأننا تبرمجنا على أن نرضى بالأمر الواقع، للآسف منساقون نحن بإرادتنا حتى النخاع، فأين المثقف المشتبك؟!!

أين الفدائي الذي يحب وطنه أكثر من حزبه؟ أين المؤسسة التي تحمي المبدع؟ أين القانون الذي يحكم الجميع؟ نحن استمرئنا عيشة الذل، فتحولنا لأنصاف مخلوقات تجري على الأرض، رغم أننا حملنا أسماء أكبر من حجمنا، مناضل، كاتب، مخرج، مبدع، مثقف..

للآسف تكدسنا كالفئران على أبواب المسؤولين، ننتظر الصدقات، ولأننا أصبحنا مرتزقة، ليس لدينا الشجاعة بعد اليوم أن ننصر مظلوم أو أن نقول لا، لو مرة واحدة

يا أيها الناس من أين سيأتي الفرج وأنتم تغلقون الأبواب وتنامون بين الذئاب وتتركوا أدعياء الأخلاق والمتسلقين يرتعون في عقولكم، انهضوا ولا تدفنوا رؤوسكم بالرمل وتنتصروا للفئوية والحزبية على حساب أوطانكم، وخوفا على مصالحكم الشخصية..

أعار علينا أن نغتسل من هزائمنا ونصحح الخطأ ونختار الرجل المناسب ونضعه بالمكان المناسب؟!! ولكن كيف سنفعل ذلك ومن منا يملك قراره بيده؟ للآسف تربينا على عبادة الاصنام وإيهام أنفسنا أن عبيد الكراسي شخصيات اسطورية خلقها الله وكسر القالب، ونحن بحاجة أن نسجد لها ونتمسح بها لننال البركة، فلو أفل نجمها ستصيبنا اللعنة وسيهتز نظام الكون وسيغرق المشهد بالجهل والغباء.

يا أيها الناس من كان يعبد محمدا فإن محمد قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت.

فاستيقظوا من خزعبلاتهم وتخديرهم، أدعياء الوطن مجرد فقعات يستمدون قوتهم من انكساركم ومن شعوركم بأنهم هامات، فمتى انصرفتم عنهم، سيخفت بريقهم وسيأكلون أنفسهم بأنفسهم.

يا حسرتي، نحن معشر الكتاب والفنانين مجرد أبطال افتراضية، نرقص بجنون فوق المسرح أو خلف الكاميرا، نتغنى بمفردات لا تشبهنا، فما دمنا بهذه الروح المنهزمة التي لن تؤثر بأي كائن على هذه الأرض، فنحن فراغ لا نحتاج لأي جسم ليحتوينا، سنبقى تابعين وننساق وراء عظمة، خيوطها بيد مهرج ثعلب

المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين. مازال يتكرر نفس الحدث وسنخرج بنفس النتائج إلا أننا أغبياء لن نتعلم؟!! نرهق أنفسنا بالانتخابات ونتخاصم مع بعضنا بعضا ونحن ندرك أن كل الطرق تؤدي إلى نفس الخارطة. وفي النهاية سيخرج من بين الجمهور ممثل مخادع وسيتلو علينا أغاني المطر وبعد أن يصعد على كرسيه سيصب على الأرض الجفاف. أي انتخابات والمؤسسة يركبها بغل مخصي يمتص رحيقها ويتهمها بعدم الإنجاب ويشرد أبنائها بالتهميش.

الانتخابات التي تعد سلفا بالكواليس ويتم اختيار أبطالها وعلى الجمهور أن يكون شاهد زور، هي انتخابات، غير نزيهة، مقززة، مخزية، لن تجلب لنا سوى العار والجهل

كان علينا في رحلة الحياة أن نكون نحن ونبتكر الأفكار ونؤسس للمفاهيم الأخلاقية والإنسانية لنكون مرجع للجميع،

فمن العار أن نخطو نفس الطريق وفي النهاية نتوقع نتائج مختلفة. ثم بكل وقاحة نقف على المنابر، ونتغزل ونتباهى ونتغنى بأننا أسوياء.

مأساتنا يا سادة يا كرام لم تكن يوما بالشخصيات التي فرزتها المرحلة لتجرنا للوحل، فعلى مدار الأزمنة تغيرت الشخصيات والنتائج كما كانت وأسوأ، ابتكرنا قواعد فنون الكذب، حتى نمتص غضب الناس ونوهم أنفسنا أننا نسير نحو التحرر، وسنصل للهدف المنشود. رغم أننا ما زلنا سجناء تحت القبعة، فئران تجارب، ندور في دائرة مغلقة، نفس النهج المرضي الذي ورثناه، حتى أصبح المثقف العصري، مجرد حجر شطرنج يحركه رجل السياسة بين أصابعه كالعجينة اللينة، ويسحره بالحوافز والمغريات حتى جعله يتكيف مع واقعه وكثيرا ما يتباهى بأنه كومبارس هذا الزمان. حكايتنا يا سادة يا كرام لا تحصروها بشخصية، س أو ص، لماذا ننظر للشكل الخارجي لقضيتنا ونتناسى المضمون المخزي العفن. لماذا نعشق دور الضحية ونغض البصر عن سارق رزقنا، بيتنا، أفكارنا، أحلامنا، مؤسساتنا وبكل غباء نصفق له لو ألقى لنا بعض الفتات من رغيفنا المنهوب.

نحن من علمنا اللص أن يتقن فن السرقة ويجعل من نفسه ولي نعمتنا، فالنهج المتبع لن يفرز إلا الصورة القبيحة.

بالماضي القريب، الحمد لله كان لنا العديد من التجارب التي فرضها الواقع والتي حصدنا من خلفها الوجع و الخيبات، فالتجارب و المعرفة تدعونا وبدون استثناء للعزلة، تخيلنا للحظة أننا نقاتل لبناء مؤسساتنا على أسس سليمة وعندما اشتدت الحرب اكتشفنا الفراغ، بدأ الصمت يكنس حكاية أبطال المرحلة، فالجنود الذين رافقونا بالتصدي للمتطفلين على الحقوق والقانون ، فروا من الجولة الأولى قبل أن تبدأ المعركة، سبحان الله بدأت الشخصيات الثائرة التي لا تنكسر، تنسحب تدريجيا وبصمت حتى اختفت عن الساحة، خوفا على لقمة العيش وامتثالنا للقرارات الحزبية، مسحت مقولة المثقف أول من يخوض الثورة وآخر من ينهزم

وسط الضجيج وجدنا أنفسنا في مهب الريح، نقاتل طواحين الهواء لوحدنا، وتدريجيا تعرضنا للتهميش وكأننا لم نكن، مع ذلك أنا لا ألوم أي من زملاء المهنة المحاصرين برغيف الخبر الطائر، ونظام الترهيب والمقصلة، التي لن تبشر بالخير وستنجب أصناما، لمجتمع يعاني من أمراض مزمنة ولشعب يعيش أزمة ثقة، بعد أن زرعوا في رأسه أن هناك في قبر ولي مغفل شياطين يحيكون مؤامرة وستهب العاصفة وتأكل الأخضر فاحذروا المساس بعروش الأسياد فعلى المواطن أن يبقى أعمى يخشى من قول لا، ولأني أعلم أن العمر قصير وبأن كراسيهم لن تكون سفينة نوح

اتخذت العديد من القرارات سابقا والتي دفعت وسأدفع ثمنها وكان آخرها قراري الفردي قبل سنتين وهو تجميد عضويتي في اتحاد الكتاب حتى يحدث الله أمرا ونشرت الأمر بالصحف فتلقى بعض الزملاء الخبر بسخرية، وقالوا هل تعتقد أنك ستغير شيئا بقرارك هذا؟

فقلت على الأقل، سأسجل موقف وأعلن احترامي لذاتي ولا أسير بين القطيع أعمى.

أخواني الأعزاء: الحرب التي لا تبشر بالسلام هي جريمة

وفي النهاية ما الفائدة أن نشعل حربا ونسير على نفس الخطة ومع نفس الجنود وتتوقع في النهاية نتائج مغايرة.

لذلك أؤكد على اقتراحي ” تشريع قانون الأفكار الملكية المطلقة في بناء مؤسساتنا”.

وبهذا سنتخلص من الكذب ومن المسرحيات الفاشلة المعدة لتنصيب الأزلام… وسطو الأحزاب على ممتلكات المملكة المستحدثة “وسنضع رأسنا بين الرؤوس” ولن نفكر مطلقا بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب.

* المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة اليمامة الجديدة. 

 

 

 

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى