ثقافة

إيجابياتُ الكذب: كرار زبيدي

إيجابياتُ الكذب

كرار زبيدي/ كاتب عراقيّ

في متلازمةِ دودج بارتر وهي متلازمة نادرة جداً حين يصاب الجسمُ بورمٍ حميد يصدر ردة فعل قد توقف أعضاء كاملة مثل الكليتين والرئتين .

ونتيجة لفقدان البوتاسيوم والكلوكوز فقد يسبب ذلك للدماغ فقدانه لخاصية السيطرة على الكلمات ليبدأ المريض بقول كل ما يخطر على باله ويفقد قدرته على المجاملة والكذب ! أي يصبح معياراً لما يقوله العراقيون (الي بگلبه على لسانه)

و هذا المشهد المرضي يجرنا إلى طرح سؤال ذي أهمية بالرغمِ من شيوعهِ :

هل يمكن للإنسان أن يعيش دون كذب ومجاملات ؟ هل يمكننا مرافقة أصدقاء صادقين لدرجة أنهم لا يخبئون عيوبنا ومع افتراض أننا تقبلنا مرافقتهم ما الذي إن أصيبوا فجأة بهذا المرض؟ إن فقدوا قدرتهم على الكذب؟

غالباً من الصعب أن يتقبلك أحد إن كنت صادقاً طوال الوقت

ولكن إن حدث ذلك فعلا فهل تفكر بإزالة جزء من دماغك لتعود إلى طبيعتك المنافقة والمجاملة وحياتك الطبيعية ؟ يستطيع الطب أن يجعلك تعود كاذباً ومجاملا فإن بحث الإنسان عن سعادته منذ أن غادر الغابة على قدمين دونا عن باقي الكائنات وهو يعلم جيداً أن هذه الخطوة سوف تكلفه السعادة وسوف تهبه الغربة والوحدة ليظل منذ تلك الطفرة الجينية التي وهبته التفكير والعقل كائناً باحثاً عن السعادة مرة في الحب ومرة في الكتابة وأخرى في الطيران و أحياناً في الحروب أيضاً !

وهو يعلم جيداً أنه من الصعب جداً عليه أن يعود مرة أخرى للغابة ولو دفع كل شيء لقد ضيع هذا الكائن الكثير من الأشياء في سبيل التجربة، لقد مات بعضنا من أجل فكرة السعادة والراحة حيث لا تفكير في حياة ولا خروج من أبدية غبية منعشة بينما تجري حولك أنهار الجنة وأنت تقود كل أفكارك الشهوانية في صياغة عالم الغابة الذي تركته

الكذب إذن هو علاجنا الفعال منذ آلاف السنين للحصول على السعادة و الرضا ،أن تكذب على حبيبتك من أجل أن تحصل على متعتك الجنسية وهي تكذب عليك من أجل أن تضمن لها حياة مستقرة وتكذب على رئيسك بالعمل من أجل أن يزيد من مرتبك ويكذب هو عليك من أجل أن تزيد من انتاجيتك.

يكذب القادة على جنودهم وأفراد الشعب على بعضهم البعض، وكل يكذب في مجاله وهذه فكرة إكتشاف الكذب هي أن نجعل بعضنا سعيدين !

ما فائدة المال الذي لا يشتري لنا منزلاً آمنا في ليلة ممطرة وما فائدة الصدق الذي لا يصنع لنا سعادة ولو لحظة أدعوكم للكذب على أحبتكم ،اجعلوا نساءكم سعيدات، اكتبوا عنهن أجمل القصائد الكاذبة، تخيلوا في رؤوسكم مارغوت روبي واكتبوا كل الكلمات المنافقة وضعوا أسماء من تريدون في نصوصكم نافقوا على مدرائكم و املأوا دائما بالكذب الأبيض حياتكم .

كل صباح انهضوا وفي جيوبكم كلمات كثيرة من الكذب الأبيض واغزوا بها العالم القبيح الذي يحفر قبوراً للناس بمجرد ما يشعر أنهم صادقون.

زر الذهاب إلى الأعلى