مقالات رئيس التحرير

جواد العقاد لأنور الخطيب: أنتَ نبي الشعر ونحن الغاوون

إلى الشاعر الفلسطيني الكبير أنور الخطيب

أنتَ الناجي من التأويل ونحن الغارقون في جمالكَ،

أنتَ نبي الشعر ونحن الغاوون.

حسبتُكَ ستمرُ على القلب، فتمطر غيمةُ شعركَ دهشةً تروي جفاف العاطفة، وأن أرسلَ من شعرك سطرين إلى محبوبتي، ثم أقول على عادة العُشاق وهم يغنون لليلاتهم: هذا الشعرُ ندىً بلَلَ قلبي. لم أقل هذا مطلقًا. أذكرُ أني غمغمتُ بشيء واحد وأنا أغرقُ: هذه اللُغة سماوية.

يا أنور.. سيدي الشاعر:

شعرُكَ معتقٌ جدًا؛ سطرٌ واحدٌ يعدلُ زجاجةَ خمر، وديوان يعدل ..!! الآن أدعو سُكارى العالم إلى حانة أشعارك. الآن أقولُ: وحدك “المُغيب الناجي من التأويل”، شعرك يا صديقي لا يُفسر، لا يخضعُ لتجني التأويل؛ إن مسَ قلبًا أسكره تمامًا، وإن مر على مسمع أنثى أوقعها في فخاخ الغواية، وإن هي تأملت قليلًا ستغرقُ في مجازكَ. أنت قلتها بدهاء شاعر “مري كالغريبة بي” لكنها حين مرت أطلقت شَعرَها سماءً لنجوم استعاراتك ومشت على ضفاف روحكَ، ثم نامت مطمئنةً على صدر القصيدة، وحين أطربها الحنينُ رقصت وراحت تدور كما الدرويش، ومن فرط دهشتها بحنكة شاعرها ذابت موسيقا في جسد القصيدة.

يا سيدي الشاعر:

لولم يكن شعرُك بحرًا بلا أمل في النجاة ما غرقتُ، ولا كتبتُ هذا. الشعرُ الحقيقيُ يُلهمُ ويُغرقُ حد الاختناق بالدهشة.

الليلة أنهيتُ قراءةَ روايتكَ الحميمة “شوق مزمن”. وقد كنتُ سأُعطيكَ انطباعي عنها حين أُنهيها. ولكن يا سيدي لم تدع لي مجالًا: فكيف للغريق بالشعر أن يتكلم!! على كل حال، وأنا أحاول النجاة أو ألفظ أنفاسي الأخيرة أقول: كنتَ في الرواية الشاعر الذي يقولُ للروائي اكتب بحساسية الشعر؛ فالرواية فنٌ بلاغيٌ مراوغٌ أيضًا.

والسلام عليكَ يوم ولدتَ شاعرًا وبعثتَ فينا شاعرًا .

جواد العقاد 

غزة ــ فلسطين 

27 / 4 / 2020م

زر الذهاب إلى الأعلى