سماد الأرض.. شعر: أنور الخطيب

سماد الأرض

 بقلم: أنور الخطيب/ شاعر فلسطيني

الموتى سماد الأرض

سطوح منازلهم مرايا رئاتهم

كلّما كثر العشب تحررت هاماتهم وفاضوا بالنور

وكلّما دار العطر في مدار الغياب

تكثّف الحضور

وفككوا أغلالهم وانتشروا

يظهرون قطراتِ ندى على جيرانهم الأشجار

فراشات بألوان قوس قزح على أوراق الريحان

قبّرات تغني بكياسة للحياة

وحبّات عرق على وجوه حرّاسهم

ألم تلمح وجه أمك في كرستال الغبار

ألم تر ابنك على جناح فراشة

ألم تسمع صوت أبيك النبيل

يتقافز من نبتة علّيق إلى حبة عنّاب

هؤلاء، جوقة الأبجدية

لا تكلّ من قراءة الخلود في مفردات الفناء

جميل هو الغياب

هو الجواب اللانهائي لكل ألسنة الحضور

تافهة أسئلة الوجود أمام سماد الأرض

حيث الإنسان نسيانٌ لكل ما قبله

وكلّ ما في قلبه

لا تستفت دماً ضجراً من دورته

استفتِ مرايا السطوح

استفت الندى والفراشات والقبرات

عرق الحارس

استفت النوارس عن آخر ميناء

عن آخر مذبحة لأول الزقزقات

عن البحّار الأخير الذي أبحر في الضباب

صاغ منه أنشودةً للاشيء

وصار طعاماً لوحوش الماء

ما يجري هناك في اليابسة

يجري هنا في البحر

إلى أين نبحر يا ألله

إلى أين؟