منوعات

ديجافو: التفسير العلمي ورأي الأديان

ديجافو: التفسير العلمي ورأي الأديان

سهيلة هاني – خاص اليمامة الجديدة

في أيامنا العادية نعيش العديد من المواقف والأحداث منها ما يمر ومنها ما يظل عالقاً في أذهاننا لأسبابٍ مختلفة، ولكن بين كل تلك المواقف، هناك ذاك الموقف الذي نقف أمامه ونقول لأنفسنا: “لقد حدث هذا من قبل”!!، تحتوينا في تلك اللحظة حالة من الرهبة والغرابة، ونسأل أنفسنا كيف؟! هل حدث هذا من قبل؟! هل أنا بخير؟! ما الذي يحدث معي؟! هل أُصبت بالجنون أم أصبحت مريض نفسي؟! ونسأل من حولنا أيضاً ولكن لا نحصل على أي إجابة!

تفسير هذا الشعور أو تلك الظاهرة هو “وهم سبق الرؤية” أو “ديجا فو (Déjà vu) “أو “ديجاڤو” وهي كلمة فرنسية تعني “شوهد من قبل”، أطلقها العالم في علم ما وراء النفس (الباراسايكولوجي) إميل بويرك، وبالرغم من أن هذه الحالة “لحظية” إلا أن علماء النفس والفلاسفة تحيروا كثيراً في تفسيرها، فمنهم من نسبها إلى الخيال البسيط لدى الإنسان، أو إلى أنّها جزء مجهول من ذكريات قديمة، وذهب البعض إلى أنّ الجنين خلال مراحل حمله يرى شريط حياته، وبالتالي فإنّ ما يشعر به قد شاهده وهو جنين؛ فيشعر أنّ الموقف مألوف، وحاول البعض ردها إلي “تناسخ الأرواح” وما إلى ذلك، ولكن هذا التفسير لم يكن مقبولاً في الإسلام أو الوثنية أو الديانات الأخرى.

التفسير العلمي لهذه الظاهرة

جاء التفسير العلمي الأدق لهذه الظاهرة أن عمليّة نقل المعلومات عبر الشرايين إلى المخ، فعندما نتعامل مع موقف أو حدث فإنّه يتمّ نقل هذه المعلومات إلى صدغي المخ الأيمن والأيسر، ولكن في بعض الحالات تصل هذه المعلومات إلى الصدغ الأيمن قبل الأيسر، وبالتالي عند وصول هذه المعلومات إلى الصدغ الآخر يجدها شيء قد سبق حدوثه، وهناك من عزا هذه الحالة إلى تناول أدوية معينة ترفع نسبة حدوث ظاهرة الديجافو، وهذا ما وصل إليه عالمان أجريا دراسة على شخص ظهرت عليه هذه الحالة بعد تناوله أدويه مثل أمانترون وفينلبروبانولامين؛ لعلاج أعراض الفلوزة، ووصلاً إلى تفسير النظرية على أنّها تحدث بسبب تأثير ارتفاع معدل هرمون “الدوبامين” على أجزاء من خلايا الفص الزمني لدى المخ.

وكأي خلل أو مرض أو ظاهرة ما حتى ف للديجافو ثلاثة أنواع تختلف من موقف لأخر ومن حدث لحدث حسب تقسيمات العلماء:

deja vecu-1
أيّ “تمّت رؤيته سابقاً “وهي أكثر الحالات انتشاراً بين الناس وخاصّة الأعمار ما بين الخامسة عشر والخامسة والعشرين؛ لأنّ هذه الأعمار يكون العقل فيها ما زال قادراً على ملاحظة ما يحدث من تغيّرات بسيطة من بيئته، وعادةً ما يكون هذا الحدث غير مهم أو ذو تأثير واضح على أحداث حياتنا.
deja senti-2
أيّ “تمّ الشعور به سابقاً”، وهو يختلف عن الذي سبقه بأنه حدث عقلي أو فكري، أيّ ليس حقيقياً، أو لا يوجد به توقّع لما سيحدث بعد لحظات، ولا يكون هناك أحداث أو مواقف نستشعر بحدوثها مسبقاً، وإنما أفكار أو جمل تخطر ببالنا ونشعر بأنّها قد خطرت مسبقاً.
deja visite-3
تعدّ من أغرب الحالات وأندرها، وبهذا النوع يستطيع الشخص أن يعرف طريقه جيداً في مكانٍ لم يسبق له أن زاره، ويعرف تفاصيل هذا المكان جيّداً.
فإذا أيها القارئ…إذا استطعت أن تسير في طريق لاتعرفه بتاتا ولم تزره من قبل إعلم أنك تمر بحالة “deja visite”.

الديجافو في المعتقدات والأديان السماوية

لا يعترف الدين الإسلامي بمثل تلك الظاهرة، حيث لا يوجد أي دليل عليها لا في الكتاب ولا السنة، ويرجع تفسيرها إلي أسباب علمية بحتة، وأي تحليلات أخرى هي بمثابة تكهنات من العلماء وليس أكثر.

والمؤمنون بمعتقد تناسخ الأرواح أو الحياة في الدنيا بعد الموت أو ما يسمى بـ”الوجود الدوري Reincarnation” يعتبرون ظاهرة الديجافو برهان وتأكيد على صحة معتقدهم الذي يقول بأن الروح حينما تخرج من الجسد بعد الموت تلج في جسد آخر وقد تحمل معها بعض ذكريات الحياة السابقة، فحينما تتكرر المواقف بين الحياة السابقة وحياة الحاضر تستعيد الروح ذاكرتها فيشعر المرء بوهم “سبق الرؤية أو سبق المعرفة”.

ختاماً: بعد كل ذلك قارئنا العزيز إذا تكرر معك هذا الحدث وشعرت أنك مررت بهذا الموقف من قبل أو خلافه، أرجوك اطمئن؛ فأنت لست مريضاً نفسياً أو مجنوناً أو أي شيء أخر، فقط ربما تعرض دماغك لبعض الخلل- غير المُقلق- ليس إلا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى