نصوص

إلى متى ستبقى حقائب الهروب جاهزة

إلى متى ستبقى حقائب الهروب جاهزة

بقلم: حلا أبو نحلة/ غزة 

في ليلة التاسع من مايو، كأي ليلةٍ كنت ادرس تحضيراً لامتحاني في صباح هذا اليوم، كانت الساعة ٢:٠٠ صباحاً، عادةً كنت لا انام قبل اذن الفجر ولكن في هذا اليوم انهيت دراستي باكراً و كنت مرهقة كوني في اواخر الامتحانات، قررت ان انام باكرا و اريح جسدي في هذه الليلة، بمجرد انا مددت جسدي في السرير سمعت صوت إنفجارٍ، ظننت انها فقط انفجارات اعتيادية و لم اكترث الا انا قلبي لم يرتح لذلك، قررت ان افتح هاتفي للاطمئنان فقط، وجدت كم ضخم من الرسائل من اصدقائي يخبرونني بأن اطمئن على صديقتي المقربة فقد تم استهداف المبنى الذي تسكن فيه. في هذه اللحظة تسارعت نبضات قلبي بشكلٍ مرعب، بدأتُ بالتعرق و لم افكر بشيءٍ سوى الاتصال على صديقتي، اتصلت بها خلال ثوانٍ شعرت و كأنها ساعات، و اجابت و هي تصرخ و تبكي ان تم استهداف شقة فوقهم و شقة بجانبهم و هنالك الكثير من الشهداء و انهم يحاولون الخروج من المبنى في هذه اللحظة، و ان بينهم و بين الموت شعرة. ابتلت عروقي بهذه الكلمات على الرغم من الخوف الذي لا استطيع تمالكه، استيقظت امي تسالني ان كان كل شيء على ما يرام، اخبرتها بأن تم استهداف شقتين من مبنى صديقتي، بدأتْ بترديد “لا حول ولا قوة الا بالله” و السؤال عن صديقتي و عائلتها.

بدأنا بتحضير حقائب كل تصعيد، اهم المقتنيات فقط، بعض الاوراق المهمة و الاشياء الثمينة، المؤلم في ذلك هو انك لا تدري ان كنت ستترك بيتك و ان تركته، اهذا ما ستأخذه فقط؟

الحياة في غزة استثنائية في كل ظروفها و احوالها، ننام في غرفة واحدة كي نبقى بجانب بعضنا البعض في كل الحالات، نقوم بتفعيل قنوات الاخبار على هواتفنا و نتابع الاخبار بتأهب و نتناقش بكل الاحتمالات الواردة، نقوم بتقسيم ادوارنا في حال اضطررنا لمغادرة المنزل، من سيمسك اخي و اختي الصغيرين، و من سيحمل الحقيبة هذه و تلك و ما إلى ذلك…

لا ندرِ الى متى ستبقى غزة مصب احزان العالم، الى متى ستحارب بنفسها فقط، و تضحي بأبنائها فقط، الى متى سيبقى اطفالها يحملون هماً اكبر منها، و نساؤها اقوى من اقوى رجلٌ من خارجها، و رجالها اعمدةُ بقائها، الى متى سيبقى العالم مجرد جمهورٍ او حتى ناس لا يعرفون اي شيءٍ عما نعيشه؟

زر الذهاب إلى الأعلى